Featured Video

‏إظهار الرسائل ذات التسميات اسلام. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اسلام. إظهار كافة الرسائل
assouab96@gmail.com

اسرر~ قوة ~الحضارة~ الإسلامية~

قوة الحضارة الإسلامية

بتصرف من كتاب الفكر الاسلامي



اصبحت الصحوة الحضارية الإسلاميّة حقيقة ملموسة اليوم ،
 لا نقول في العالم الإسلامي فقط، بل في كل مكان يوجد فيه تجمّعات للمسلمين. في مقابل ذلك نجد اهتماماً متزايداً من قبل غير المسلمين للتعرف على حقيقة الإسلام. وتولّد عن هذا كله صور كثيرة للحوار مع الثقافات والحضارات الأخرى.









وكان لا بد من التأثير المتبادل،
 وإن كانت الغلبة في التأثير تكون دائماً للحضارة الأقوى والأعرق. 
وهذا يعني أنّ فرصة الحضارة الإسلاميّة اليوم هي أفضل من الأمس،

 نظراً لما تتمتع به الحضارة الإسلاميّة من قوة وحيويّة.

نعلم أنّ هذا القول سيلتبس على البعض، 

لأنّ الحضارة الغربيّة تبدو في نظر الكثيرين الأقوى بما تمتلكه من علم ومال وتكنولوجيا. 


لذا كان لا بد من إلقاء الضوء على مفهوم الحضارة وركنها الأساسي،

 أية الثقاف، والتي هي سر القوة أو الضعف في أية حضارة.

الفيزياء والكيمياء والصيدلة... علوم موضوعها الواقع المادي. وهي علوم تتسم بالموضوعيّة إلى حد كبير، فهي غير متأثرة بوجهات النظر الخاصة للعلماء، 

ولا تختلف باختلاف عقائدهم ومذاهبهم.
 ويندر أن نلمس أثراً لأية عقيدة من العقائد في هذه العلوم، 
وعلى وجه الخصوص في المعطيات العلميّة التي هي حقائق.
 فعلم الرياضيات، مثلاً، 
أبعد ما يكون عن التأثر بعقائد وفلسفات الرياضيين،
 وذلك لأنّ عالم الرياضيّات هو عالم الحقائق، وعند الحقيقة تحيّد الثقافة وتحل الموضوعيّة مكان الذاتيّة.






شتان بين واقع علم الفيزياء قبل ألف سنة،
 وبين واقعه اليوم. فاتساع مساحات الحقيقة في معطيات
 هذا العلم يجعله غير متأثر بعقائد ومذاهب وخصوصيات
 الفيزيائيين. ويصدق هذا القول على علم الكيمياء أكثر مما
 يصدق على علم الفلك، لأنّ مساحات الحقيقة في علم الكيمياء أكبر منها في علم الفلك.


على الرُّغم من أنّ كل معرفة هي علم، إلا أنّ اصطلاح علم 
يغلب أن ُيطلق اليوم على علوم كالفيزياء والكيمياء والأحياء.. 
وغيرها من العلوم التي موضوعها المادة وبالتالي فهي عالميّة
 لا تخص حضارة بعينها، مما يجعلها تنتقل من أمة إلى 
أخرى من غير تحفّظ أو حساسيّة تجاهها.


  1. والملاحظ أنّ هذه العلوم لم تكن يوماً سبباً في اختلاف 
  2. الأمم وصراعاتها وتحزبها وتحالفاتها، فالاختلاف في معطياتها
  3.  لا يؤدّي إلى تنازع وأحقاد، ومن السهل أن يلتقي الناس
  4.  في التصديق بحقائقها لأنّها حقائق، على النقيض تماماً 
  5. من العلوم الإنسانيّة، التي يغلب أن تنتمي معطياتها إلى 
  6. عالم الفرضيّات أو النظريّات.

  7. لو بحثنا عن أسباب نشأة الأحلاف، 
  8. كحلف الأطلسي وحلف وارسو السابق، مثلاً،
  9.  لوجدنا أنّ الخلاف كان في أساسه عقدي ومذهبي، 
  10. فهو اختلاف حول مفاهيم مثل مفهوم العدالة ومفهوم
  11.  المساواة ومفهوم الحرية ... ولم يكن الاختلاف حول قانون فيزيائي، 
  12. أو معادلة كيميائيّة، أو وصفة طبية ... بل إنّ بعض معطيات
  13.  العلم تُعتبر أسراراً وقد تباع بأثمان باهظة، على خلاف المفاهيم 
  14. الثقافيّة والحضاريّة التي يبذل من أجل ترويجها وتصديرها إلى الآخرين الشيء الكثير.
  15. قلنا بأنّ العلوم الإنسانيّة تتأثر معطياتها بشكل كبير بعقائد العلماء ومذاهبهم وتراثهم ... ومن هنا فهي علوم لا تتسم بالموضوعيّة وبالتالي لا يسهل التقاء الناس حول مفاهيمها، ويؤدّي الاختلاف فيها إلى تنازع وتنافر وصراع. ويرجع ذلك إلى موضوع هذه العلوم، فهي قضايا مجردة ومعنويّة بعيدة عن المحسوس. من هنا فهي تتسم بالخصوصيّة، وسيبقى الأمر كذلك إلى أن تصبح نظرياتها حقائق، وهذا أمر يبدو، حتى الآن، بعيد المنال.
  16. هذه العلوم النظرية التي تتأثر بوجهات النظر وتختلف باختلاف العقائد والفلسفات تسمى ثقافة. وأساس ثقافة كل أمة هو الجانب العقائدي والفلسفي. ويدخل في مفهوم الثقافة أيضاً كل ما أنتجه الإنسان في عالم المحسوس وكان في انتاجه ذلك متأثراً بفلسفة الأمة.

الحضارة والمدنيّة:
يمكن أن نُعرّف الحضارة تعريفاً مبسطاً بقولنا: الحضارة هي كل ما أنتجه الإنسان في عالم الفكر والمادة. ونقصد بالفكر العلم والثقافة، كالفيزياء والكيمياء والآداب وعلم التربية... ونقصد بالمادة الجانب المحسوس من الحضارة، أي ما يسمى بالمدنيّة، كالبيت والمصنع والثوب ... فالمدنيّة هي كل ما أنتجه الإنسان في عالم المادة. وإذا كانت المدنيّة متأثّرة بالثقافة تكون عندها مدنيّة خاصّةوتلحق بعالم الثقافة، وإلا فهي مدنيّة عامّة. من هنا تُعتبر الفنون وأنماط البناء والأزياء من الثقافة، فصناعة القماش، مثلاً، مدنية عامّة تقوم على أساس العلم العام، ولكن عندما يتحول هذا القماش إلى زي فإنّه يُصبح مدنيّة خاصّة، لأنّه يتأثر بوجهة النظر الخاصّة، أي بالثقافة. من هنا ندرك أنّ الأزياء ليست مجرد شكل، بل هي في جوهرها تُعبّر عن الثقافة التي تختبئ من وراء الشكل. لذلك نجد أنّ الإسلام ينهى عن التشبّه بأهل الفكر المنحرف حتى في أزيائهم. ويمكننا، على ضوء ما سلف، أن نقول بأنّ الزي الإسلامي هو الزي الذي ينبثق عن الثقافة الإسلاميّة، وبالتالي ينسجم مع قيم الإسلام ومبادئه. وعليه فإن شروط الزي الإسلامي يمكن أن تنطبق على آلاف الأزياء التي قد تختلف من شعب إلى أخر. وما يقال في الزي يقال أيضاً في أنماط البناء، فليس النمط الإسلامي في البناء هو ما كان أقواساً وقباباً، بل هو كل نمط يراعي قيم الإسلام ومبادئه، وينبثق عن الثقافة الإسلاميّة. وما قلناه في الزي ونمط البناء نقوله في الفنون، فالفن الذي ينضبط بضوابط الشريعة الإسلاميّة ويراعي القيم الإسلاميّة يعتبر فناً إسلامياً، وكذلك الأمر في الأدب والشعر.

من يتجول في شوارع روما القديمة، مثلاً، ويتأمل تماثيل القديسين والعظماء، التي تنتشر في الشوارع والساحات، يدرك بأنّ الحضارة التي أنجبت هذه المدينّة هي حضارة ذات جذور وثنيّة تقدّس الصنم وتُعلي من قيمة الوثن. والمتأمل لهذه التماثيل يدرك أيضاً بأنّ هذه الحضارة تُقدّم القيم الجماليّة على القيم الأخلاقيّة. أما من يسير في شوارع القدس القديمة، وساحات المسجد الأقصى المبارك، فإنّه لا بد أن يلاحظ أنّ الحضارة الإسلاميّة هي حضارة مُوَحِّدة، تُعلي من شأن الفكرة وتحط من قيمة الوثن. ويَلحظ أنها تُقدّم القيم الأخلاقيّة على القيم الجماليّة، ويلحظ ذلك بشكل أوضح في عالم الأزياء وعالم الفنون والآداب.

الثقافة إذن هي التي تعطي كل حضارة طعمها الخاص وبالتالي خصوصيتها. وهي أساس الالتقاء والاختلاف بين الحضارات والأمم. 

وعليه فيمكننا كمسلمين أن ننهل من معين العلم من كافة مصادره وموارده، أما في عالم الثقافة فلدينا ثقافة متميزة ومتفوقة على غيرها من الثقافات المعاصرة، أساسها التوحيد. وهي تُعلي من قيمة الفكرة وتنبذ الصنميّة والوثنيّة، وتُقدّم القيم الأخلاقيّة ولا تتنكر للقيم الجماليّة، بل تسمو بها. وهي ثقافة متوازنة ومتناسقة، إنسانيّة الأهداف والوسائل، تعلي من قيمة الإنسان، عالميّة الأهداف أخلاقيّة الوسائل.

و في المقابل فإنّ قوة الحضارة الغربيّة المعاصرة تكمن في الجانب العلمي والتكنولوجي، في حين يتجلّى ضعفها في الجانب الثقافي وفي حضارتها التي تتدلى بالإنسان. وإنّ في انهيار الماركسيّة لمثل واضح على أنّ ثقافة الإنسان وقيمه ومبادئه هي الأساس في نهضة الحضارات أو تراجعها. في المقابل نجد أنّ الضعف في مجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة يكمن في الجانب العلمي والتكنولوجي الذي يسهل تداركه، ويساعدنا في ذلك عناصر القوة الكامنة في ثقافتنا المتفوقة ومبادئنا السامية.

هل استطاعت الثقافة الفرنسيّة الهشة والآثمة أن تصمد أمام الطهر المتمثل في قلّة من الفتيات المسلمات المعتزات بحضارتهن الإسلاميّة الأنيقة.


إنّ الفتاة المسلمة التي تجلس على مقاعد الدراسة بجانب الفتاة الفرنسيّة وتنهل من معين العلم من غير تحفُّظ، هي نفسها التي تعلن بسلوكها وزيها بأنّ الحضارة الغربيّة لا تليق بالإنسان، فهي تنحطّ به في دركات الحيوانيّة والشهوانيّة، وتجعل من العبثيّة فلسفة له ومنهجاً وسلوكاً. هذه الفتاة المعتزة بحضارتها الإسلاميّة جعلت مراكز الرصد الفرنسيّة تُستنفر وتقرع أجراس الخطر، لإدراكها بأنّ الحضارة الأقوى هي التي ستسود في النهاية. وقد قادها شعورها بالخطر وهشاشة قيمها إلى التنكّر للحرية التي هي من أهم مقدّساتها. ومن المفارقات أن نجد ذلك يحدث في البلد الذي تغنّى طويلاً بقيم الحريّة والإخاء والمساواة، بل إنّه البلد الأوروبي الأول الذي رفع شعار الحرية بعد انتصار ما يسمّى بالثورة الفرنسيّة.



إنّ الجيوش الهمجيّة التي انتصرت على المسلمين في معركة بواتيه (بلاط الشهداء)، وحالت دون وصول رحمة الإسلام إلى الشعوب الأوروبيّة، هي نفسها التي تقف اليوم لتصد الشعوب الغربيّة عن معرفة الحق والحقيقة. ولكن المعركة اليوم تختلف في وسائلها ولم تعد تدور على الحدود المصطنعة بين البشر، بل هي تدور في عقر دار الاستعمار المتغطرس، وتدور في عواصم مثل لندن وباريس وواشنطن. وفي النهاية ستكون الغلبة للحضارة الأقوى، ولا داعي للخوف، لأنّ مثل هذا الانتصار هو في مصلحة الجميع.


1. الحضارة- الثقافة- المدنية، نصرت محمد عارف، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2، 1994م


2. لمحات في الثقافة الإسلامية، عمر عودة الخطيب، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط2، 1975م

3. الثقافة الإسلامية، عزمي طه السيد وزملاؤه، دار المناهج، عمان، ط1، 1996م

4. ثقافة المسلم بين الأصالة والتحديات، موسى إبراهيم، دار عمار، عمان، ط1، 1998م



assouab96@gmail.com

شبهات ظالمة حول الاسلام 3 . المرأة ناقصة عقل و دين

شبهات ظالمة حول الاسلام 3 . المرأة ناقصة عقل و دين








س كيف تقولون إن النساء ناقصات عقل, وقد تفوقن فى علوم شتى, ووصلن إلى أعلى الشهادات, حتى إن المرأة أصبحت طبيبة, ومهندسة, وأستاذة جامعية, وربما تفوقت على الرجل فى بعض المجالات؟

ج- نقول وبالله التوفيق: نعم.. إن النساء كما تقولون قد تفوقن فى مجالات شتى من العلوم والفنون, ولكن من قال لكم إن العقل هو الذكاء أو التفوق؟ إن الرسول r حين قال للنساء: ((ما رأيتُ من ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أذهبَ لِلُبِّ الرجلِ الحازمِ منكنَّ فسَّر لهنَّ ذلك بقوله: ((أليسَ شَهَادةُ المرأةِ مِثلَ نِصفِ شَهَادةِ الرجلِ… فذلك من نُقصانِ عقلها, أليسَ إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُم… فذلِك من نقصان دينها)) [صحيح البخارى] فلم يقل الرسول r إنهن ناقصات ذكاء, أو مهارة, أو فطنة… إلخ, ولكن قال: ((ناقصات عقل)) والعقل معناه الربط والتحكم, كما جاء فى الحديث الشريف: ((اعقِلها وتوكَّل)) [سنن الترمذى, صحيح الجامع:1068] وذلك حينما سأله رجل عن ناقته هل يُطْلِقُها ويتوكل, أم يعقلها (أى يربطها) ويتوكل. فالعِقال هو الرباط الذى يربطون به الناقة حتى لا تفِر, والعقل هو الذى يتحكم فى الإنسان, فيضبط تصرفاته, ويحجزه عما يضره, فلا ينساق وراء عواطفه, ويجعله يتصرف بحكمة, ولو فى أحلك المواقف, وأخطر الظروف, ومعلوم أن هذا أقوى عند الرجال, فعند حدوث أى خطر – كحادثة طريق أو حريق – تجد النساء لا يستطعن السيطرة على أنفسهن, ويصرخن, ويُغشَى عليهن, أما الرجال فهم الذين يسارعون فى إنقاذ المصابين, والاتصال بالإسعاف, والنجدة… إلخ. إن التفوق العلمى مَلَكَة وهِبَة من عند الله للرجال والنساء, ولكن المرأة لا تتحمل المواجهات الساخنة, مهما بلغت من الدرجات العلمية, ولو كانت أستاذة جامعية, إن عاطفة المرأة تغلب عقلها, ولذلك لا ينبغى أن تكون قاضية, لأنها لو أتاها مجرم (ولو كان سارقاً أو قاتلاً) وبكى لها واشتكى, لعَفَت عنه, ولضيّعت حقوق العباد, ولو أنه مدحها, لَرَقَّ إليه قلبها. وكذلك فإنها بطبيعتها الضعيفة الرقيقة, التى خلقها الله عليها, لا تستطيع القيام بالأعمال الشاقة, والأعمال الخطرة, لأنها لا تحسن التصرف فيها, فلا نجدها – مثلاً – فى فِرَق الإسعاف, أو قوات المطافئ, أو قوات الصاعقة, والمظلات, والإبرار الجوى… إلخ. وفى هذا أيضاً رد على السؤال الذى يُطرح منذ عشرات السنين, وتمتلئ به وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية, عن مساواة الرجل بالمرأة, فالذين ينادون بتحرير المرأة – كما يقولون – هم أعداء لها, وإلا- فمِمَّ يحررونها؟ أهىَ أسيرة؟ إنهم يريدون تحريرها من حيائها, وحجابها, وعفتها, فتختلط بالرجال, وتشاركهم فى كل مجال, مع أن طبيعة المرأة وخِلقتها تختلف تماماً عن الرجل, كما قال الله عز وجل: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [آل عمران:36] وهم يظلمونها, ويحملونها ما لا تطيق من الأعمال التى لا يقدر عليها إلا الرجال. وعدم قدرتها ليس عيباً فى حقها, ويكفيها شرفاً أن جعلها الله رقيقة, عطوفة, رحيمة, حتى تراعى زوجها وأولادها, وتقوم على شئون بيتها, فهم لا يريدون أن يعترفوا أن لها قدرات محدودة, لضعف بدنها وقدرة تحملها, فالذى خلقها أعلم بها {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14] حتى إنه سبحانه وتعالى خفف عنها بعض العبادات أيام حيضها ونفاسها, فإنها تكون فى تلك الأوقات أضعف نفسياً وبَدنيّاً, وألزَم الرجال بالنفقة عليها, لأنهم أقدر على السعى فى كسب لقمة العيش منها, فسبحان {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]

إن المرأة فى الكتاب المقدس شر, ولا يحل لها أن تتكلم فى الكنيسة, ولا أن تذهب إليها لتتعلم, وإذا جاءها حيض أو استحاضة فهى نجسة, وكل ما تلمسه نجس, وكل من يلمسها نجس, بل إنها تعتبر مذنبة, ولابد أن تكفر عن خطيئتها, أين هذا من قول رسولنا r: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) [متفق عليه] وقوله: ((إن المؤمن لا ينجس)) [متفق عليه] و((المؤمن)) يشمل المؤمن والمؤمنة. فالمرأة عندنا ليست نجسة, وإن كانت حائِضاً أو نُفَسَاء. وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام ينام فى حِجْر السيدة عائشة – رضى الله عنها – وهى حائض, ويقرأ القرآن. وأين هذا من معارضة امرأة لسيدنا عمر t حين كان يخطب على المنبر, فنهى عن الغُلُوّ فى المهر, فقامت من بين المصليات – وعلى مسمع من الرجال – وذكَّرته بقول الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً} [النساء:20] فقال قولته المشهورة: (أخطأ عمر وأصابت 
امرأة)


.............................................
assouab96@gmail.com

كيف اهتم الإسلام بالعقل والعلم

كيف اهتم الإسلام بالعقل والعلم






الشريعة الإسلاميّة







من عظمةِ الشريعة الإسلامية ودلائل صلاحيّتها لكل زمان ومكان أنّها جاءت متوافقةً في أحكامِها وتشريعاتها مع العقل والعلم، فمن ناحية العقل لم تأمرْ الشريعة بأمر يخالف العقل والمنطق الصحيح، على الرغم من أنّ عقولَنا لا تدركُ أحياناً مغزى الشريعة من بعض الأحكام، وكذلك لم تنهَ عن شيءٍ أمرَ به العقلُ وحثّ عليه، ومن ناحية العلم فقد جاءت نصوص الشريعة والوحي لتؤكّدَ على أهميّة العلم في حياة الناس في وجوه كثيرة. سنتحدّثُ في هذا المقال عن مظاهر اهتمام الإسلام بالعقل والعمل.


مظاهر اهتمام الإسلام بالعقل

جعل الإسلام العقلَ مناطَ التكليف وسببَه، فكثير من العبادات والمعاملات والأحكام في الشريعة الإسلاميّة يكون من شروطها العقل، ودونَ العقل يسقط التكليف عن الإنسان، وفي الحديث الشريف رُفع القلمُ عن ثلاث، ومن بينها المجنون حتّى يُدركَ ويعقل. دعوة القرآن الكريم للتفكّر وإعمال العقل في آيات الكون لتبيّن عظمة الخالق في خلقه، فقد اشتملت آيات القرآن الكريم وسوره على كلمات تدعو إلى التدبر والتعقل في الحياة، ومنها قولُه تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً) [النساء، الآية: 82]، وكذلك قوله تعالى: (أفلا يعقلون)، فالعقلُ هو وسيلة التفكّر والتدبر التي تجعل الإنسان يدرك معنى الحياة وأسرارها، وسبب خلق الله تعالى للإنسان. جعلت الشريعة الإسلاميّة من مقاصدها التي جاءت لتحقيقها مقصدَ حفظ العقل، لذلك حرّمت الشريعة الإسلاميّة كلَّ ما يسيء إلى تفكير الإنسان وعقله بالتغيّب والستر، كما يحصل في شرب الخمر المحرّم شرعاً، حيث يغيبُ عقل الإنسان عن الإدراك.

مظاهر اهتمام الإسلام بالعلم

نزول أوّل آيات القرآن الكريم لتحثّ على القراءة في قوله تعالى لنبيّه مُحمّد -عليه الصلاة والسلام-: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) [العلق، الآية:1]، فالقراءة وسيلةُ التعلّم والتعليم.

ترتيب الأجرِ على طلب العلم، وهذا بلا شكّ يشجع المسلم على طلب العلم، والاستزادة منه خاصّة إذا سخّره المسلم في سبيل الله تعالى ونهضة المجتمع الإسلاميّ، وفي الحديث الشريف: (من سلك طريقاً يلتمسُ فيها علماً سهّلَ اللهُ له بها طريقاً إلى الجنّة) التأكيد على أنّ العلم والارتقاء فيه ممّا يزيدُ خشيةَ الإنسان وتقواه، فحينما يدرك الإنسان أسرار الكون، ويلتمس آياتِ الله في الآفاق التي تدلّ على وجوده سبحانه وعظمته وقدرته فإنّ ذلك بلا شك يقوّي إيمان الإنسان بربّه، ويزيدُ خشوعَ القلبِ له، قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر، الآية: 28]




assouab96@gmail.com

إجابات عن أسئلة الأخت فاطيمة خمس مسائل

  • إجابات عن أسئلة الأخت فاطيمة
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  • توجهت أخت كريمة بمجموعة من الأسئلة تتعلق بمفهوم الابتلاء، ومفهوم استجابة الدعاء، ومسئولية الإنسان عن أفعاله، ومدى العدالة في تنوع الابتلاءات. وقد تم تلخيص إجابات الأستاذ عن هذه الأسئلة في خمس مسائل:
     مسألة في مفهوم الابتلاء:
    في التصور الإسلامي الدنيا دار امتحان وابتلاء وليست دار جزاء، والتربية الإسلامية تقوم على هذا الأساس؛ وبالتالي فإنّ مسألة العدالة لا تتجلى حقيقتها إلا يوم القيامة. والابتلاء ليس عقوبة. وحتى عندما يكون الابتلاء عقوبة فإنه يكفر الذنوب ويرفع الدرجات، والنصوص في ذلك كثيرة.
     جاء في الآية 35 من سورة الأنبياء:"... ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون": الفتنة في أصل اللغة: هي تعريض خام الذهب للنار والصهر لاستخراج الذهب وتمييزه عن الشوائب. والابتلاءات يقصد منها استخراج الخير من النفوس، أي من أجل أن تظهر حقيقة النفس، فإن كان فيها خير ظهر. والآية الكريمة تنص على أنّ الابتلاء قد يكون بأمور هي شر أو بأمور هي خير. وكل ذلك من أجل التمحيص لاستخراج الخير إن وجد؛ فمن ابتلي بفقر فصبر ولم يسرق ولم يغش... تجلت حقيقته الخيّرة. ومن ابتلي بكثرة المال فأكثر من الصدقة والبذل... تجلت أيضاً حقيقته الخيّرة. ولو خيّرتَ الناس لاختاروا أن يتم اختبارهم بالغنى، وذلك لأنّ الإنسان مفطور على حب المال. ولكن ليس من السهل أن نحكم أي الابتلائين أخطر على مصير الشخص؛ فكم من فقير صابر وكم من غني شاكر. في المقابل كم من غني قاده غناه إلى الانحراف والغرق في بحور الشهوات، وكم من فقير دفعه فقره إلى الانحراف والضلال. والنفوس أسرار، وليس في الابتلاء اختيار، وتتنوع الابتلاءات تنوعاً شديداً إلى درجة أنْ تتعدد تعدد الناس.
     وقد يبتلى الإنسان بالنعم وبغيرها في آنٍ واحد؛ فكم من غني يتناوشه المرض، وكم من صحيح الجسم ابتلي بزوجة أو ولد عزيز. وكم من فقير استمتع بنجاح ولده وصلاحه، وكم من ضرير يتمنى أن يفقد المال وكل النّعم وتكون له نعمة النظر.... فهذه حقيقة الدنيا. وفي النهاية يموت الجميع ويفلح من أفلح، ويخفق من ظنّ أنّ الحياة هي نهاية المطاف. وحتى الذي يزعم بلسانه أنّ الحياة ليست نهاية المطاف فقد نجده في عواطفه وسلوكه يقول: بل إنّ الدنيا هي كل شيء ونهاية كل حي. وهذا يعني أنه بحاجة إلى هداية وتدريب ليصبح لديه الإيمان الحقيقي. فالأمر لا يحتمل إلا إجابة واحدة: هل هناك آخرة؟ من لم يكن مؤمناً بالآخرة فليفعل ما يشاء، وليحل مشكلته كما يشاء، بل إنّ انتحاره أفضل له، لأنّ الحياة عندها ستكون بلا معنى. أما من يؤمن بأنّ هناك آخرة وأنّ هناك خلوداً في عالم السعادة فليثبت أنّ إيمانه حقيقي. ولا يكون الإثبات كما يُحب هو ويشتهي، بل كما يريد من خلق ورزق واختبر:"لا يسألُ عما يفعل وهم يُسألون"الأنبياء 23
     مسألة في الفطرة وعلاقتها بالتربية الإيمانية:
    جاء في الآيات من 19 إلى 23 من سورة المعارج:" إنّ الإنسان خلق هلوعاً، إذا مسه الشر جزوعاً، وإذا مسه الخير منوعاً، إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون....": هذه إذن طبيعة الإنسان، أنه يجزع عندما يصيبه الشر، ويَمنع ويبخل عندما يصيبه الخير، ولا بد لذلك من حكمة. ويمكن التخفيف من حدة سلبيات ذلك عن طريق التربية الإيمانية. ومن هنا نجد أنّ الآيات الكريمة تستثني المصلين الذين يواظبون على الصلاة.
    حب الذات ضروري لاستمرار الحياة وقيام الحضارات، ولكنه قد يتحول إلى أنانية قاتلة. من هنا يحتاج الإنسان إلى تربية إيمانية تحدّ من غلواء حب الذات وتهذب هذا الحب ولكن لا تكبته. فلا بد إذن من حب الذات ولا بد من تربيةٍ تعين على تهذيبه. ولا يجوز لنا أن نكبت حب الذات ولا يجوز لنا في المقابل أن نطلقه. ولنعط على ذلك مثلاً من جسم الإنسان: فوجود الأظافر له فائدة عملية وأخرى جمالية، ولكن لا بد من تهذيبها. ومن هنا يسن في الإسلام تقليم الأظافر.
    حتى يستطيع الإنسان مواجهة مشاكل الحياة الدنيا، والتي وجودها حتمي، يحتاج إلى بناء داخلي قوي، ويكون ذلك بمناهج تربوية شرعها الإسلام. ومن غير ذلك يقع الإنسان فريسة الهموم والإحباطات. والنظرة المادية للحياة لا يمكنها أن تضع الحلول المناسبة لمشاكل الفرد والمجتمع. والبعد الإيماني الأخروي هو الذي يُحصّل القناعات ويخلق الضوابط داخل النفس الإنسانية. ولا يكفي الإيمان، بل لا بد من العمل، فالفكرة التي لا تعمل تموت، كما الجسد الذي لا يعمل يضمحل حتى يموت.
     مسألة في ضرورة التفاوت الفردي والاجتماعي: 
    واقع الحياة وضرورة قيام الحضارات واستمرارها يقتضي أن يكون أهل الغنى المادي هم الأقل. وليُترك الناس ليتنافسوا، بشرط أن يكون التنافس شريفاً ومنضبطاً. وفي الوقت الذي يصبح فيه الكل غنياً يتوقف كل شيء وينهار. ولنأخذ مثلاً البيوت التي نعيش فيها ونتفيأ ظلالها؛ لنفكر أولاً بالحجارة ومن استخرجها ومن هذبها ومن حملها ونقلها ومن شحنها ومن بناها. ثم بعد ذلك لنفكر في الإسمنت وبعمال مصانع الإسمنت والحمالين والإداريين وأصحاب الشاحنات ثم عمال البناء. وبعد ذلك لنفكر بالحديد ومن استخرجه من المناجم.....ألخ. لو كان كل هؤلاء أغنياء ما الذي سيجبرهم على مثل هذه الأعمال. بل إنّ الله تعالى لم يخلق من العباقرة إلا النسبة الأقل، ولم يجعل الطموح الجامح إلا في عدد محدود، ولم يجعل القادة المتميزين إلا ندرة في الناس... ولم... ولم...الخ. بل جعل سبحانه في الناس الميول المختلفة؛ فمنهم من يحب العمل الجسماني، ومنهم من يحب العمل الفكري، ومنهم من يحب الزراعة، ومنهم من يحب الصناعة.....ألخ. وحتى لا تكون ضرورة التفاوت مدخلاً للظلم والاستعباد جاء الدين ليعلن أنّ الناس سواسية كأسنان المشط، وشرّع الشرائع التي تكفل الكرامة الإنسانية وتمنع التفاوت المؤدي إلى انحصار الثروة في أيدي فئات قليلة من الناس، وتمنع أن يكون الفقر والحرمان ظاهرة من ظواهر المجتمع المؤمن.
    من هنا ندرك لماذا أخفقت الشيوعية وانهارت. كيف لا، وقد كانت تفتقر بشدة إلى الواقعيّة. والمهم أن لا يكون هناك ظلم وأن لا يكون طغيان. أما أن يتماثل الناس فهذا مستحيل وغير واقعي. نعم لن يتماثل الناس في غناهم ولا في فقرهم، ولا في آمالهم ولا في طموحاتهم، ولا في ميولهم ولا في رغباتهم، ولا.. ولا ..،لأنّ المطلوب تكامل الأدوار من أجل الجميع.
    من هنا لا بد من غرس مبادئ الدين والقناعات الأخروية في الناس حتى لا ينتشر الظلم والاعتداء والغش والسرقة والقتل والاغتصاب....ألخ. فالتربية الدينية إذن هي الحل لمشاكل الإنسان على المستوى الفردي والاجتماعي.
    هل الأصح والأسلم أن نحرّض الفقير ليسرق الغني، أم نحرّضه ليبذل جهده الشريف ليخرج من فقره؟! وهل الأصح أن نحرّض من عنده زوجة قبيحة المنظر أن يطلقها ثم يسعى إلى زوجة آخر لأنها جميلة، أم نربيه ليكون صبوراً وعفيفاً وملتزماً مع أطفاله لما في ذلك من الثواب العظيم؟! فإذا كانت نسبة الجميلات في أي مجتمع 10% ،على سبيل المثال، فكيف نحل مشكلة 90% من الرجال؟! هل نقول لهم لا ترضوا بهذا الواقع الظالم وعليكم أن تثوروا وتغتصبوا الجميلات!! وإذا فعلوا ذلك هل تحل مشكلة كل الرجال بهذه الطريقة؟! أم يجب علينا أن نحل مشكلتهم من الداخل بإيجاد القناعات وتدريبهم على الصبر وغض البصر والبعد عن الظلم، وأن نفهمهم أن في ذلك الثواب العظيم، وإلا فإنّ الله هو المنتقم الجبار؟!
    من يؤمن بالآخرة فلديه دوافع حقيقية للصبر والقناعة والتضحية... أما من يفقد هذا البعد فلماذا يصبر، ولماذا يضحّي، بل ولماذا يعيش، ولماذا يلتزم القيم والمبادئ؟!
    والخلاصة: بغير تربية دينية ستتفاقم معاناة الناس ومشاكلهم، ولا يمكن حل مشاكل البشر إلا بالوعي والتربية الإيمانية والإيمان الأخروي.
    مسألة في المسئولية:
    " يتناسب الإثم تناسباً عكسياً مع الضغوط، ويتناسب الثواب تناسباً طردياً مع الضغوط".
    والضغوط يمكن أن تكون داخلية، ويمكن أن تكون خارجية؛ فالأمراض النفسيّة والغضب، مثلاً، هي من الضغوط الداخلية، والإكراه هو صورة من صور الضغوط الخارجيّة. وعليه فكلما زادت الضغوط قلّت المسئولية، حتى تتلاشى عند حد ما، فلا يكون المرء عندها مسئولاً عن تصرفاته، كما هو الأمر في الإكراه. وفي المقابل، إذا صبر الإنسان وقاوم الضغوط يكون ثوابه أعظم.
    أما فيما يتعلق بالعلم فيمكن صياغة القانون كالآتي:
    " تتناسب المسئولية تناسباً طردياً مع العلم"، فكلما زاد العلم زادت المسئوليّة، فمسئوليّة الذي درس وعاين البراهين هي أكبر من مسئولية غيره ممن هم أقل منه علماً وإحاطة.
    عندما سألَ الحواريون أن تُنزل عليهم مائدة من السماء، دعا عيسى، عليه السلام، قائلاً: "اللهمّ ربنا أنزل علينا مائدة من السماء ..."، فجاءت الاستجابة في الآية 115 من سورة المائدة:" قال الله إنّي مُنزلها عليكم فمن يكفر بعدُ منكم فإنّي أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين"، أي يُعذّبُ عذاباً لا يعذبه حتى طغاة الكفرة وقتلتهم، لأنّ العلم الذي تحصّل لديهم نتيجة مشاهدتهم نزول المائدة يجعل مسئوليتهم أكبر من غيرهم ممن لم يشاهدوا مثل هذا البرهان. ثمّ إنّ هذا البرهان قد جاءهم وعندهم ما عندهم من الإيمان، على خلاف ما كان عند فرعون مثلاً.
    من هنا ندرك أنّ العدالة كاملة، إذ إنّ البشر بذلك يتعرضون للاختبار والامتحان نفسه، فكلما زادت الضغوط زاد الثواب وقلّ الإثم، وكلما زاد العلم زاد إثم العاصي، مقارنة بمن هم دونه في العلم....
    تنص التشريعات والقوانين البشريّة على معاقبة من يخالفها، وهناك ظروف مخففة. ولا يُعقل أن يعاقب من يرتكب جريمة في حالة الغضب الشديد بمثل عقوبة من يرتكب الجريمة نفسها عن سابق إصرار وتخطيط.
    هذا في عالم الواقع، أمّا في عالم النظريات، فهناك بعض الفلسفات تحاول أن تعذر المجرم، على اعتبار أنه اكتسب ميله الإجرامي وراثياً. وهناك من يرى أنّ الإنسان من صنع بيئته. وهناك من يرى أنه من صنع البيئة والوراثة معاً. وقد يروق للبعض أن يتبنّى مثل هذه النظريات لتبرير سلوكه وانحرافه. ونحن هنا لا نريد أن نثبت خطأ أو صواب مثل هذه النظريات، وإنما نريد أن نُسلّم جدلاً بصحتها، لعل فيها قدراً من الصحة.
    عندما نراقب سلوك الناس يلفت انتباهنا أنّ سلوك الأفراد يختلف باختلاف المواقف؛ فالأم تصبر كثيراً على سلوك وانحراف ولدها، ولكنها هي نفسها تثور بسهولة في وجه حماتها، مثلاً، أو في وجه كل من تُبغضه. وإذا كانت هذه المرأة لا تسيطر على أعصابها في مقابل من تكرهه نجدها تسيطر على غضبها في مواجهة من تحبه، أو في مواجهة من تخافه. هذا يعني أنّ كل إنسان منا يملك في داخله قوة تضبط وتسيطر على الدوافع والرغبات والنزوات والشهوات.
    فالمجرم يبادر إلى الجريمة في حال القوة والأمن من العقوبة، ولا يسهل عليه في هذه الحالة أن يسيطر على دوافعه. وفي المقابل إذا كان هذا الشخص ضعيفاً ويخشى وقوع العقوبة نجده يُصَعّد من قوته الداخلية فيضبط نفسه ويتكلّف السلوك الإيجابي.
    لاحظ سلوك السكرتير في مواجهة مديره، ثم لاحظ سلوك السكرتير نفسه مع الموظف الذي هو تحت إمرته. ولاحظ سلوك الزوج مع زوجته التي يحبها، ثم لاحظ سلوكه معها لو كان يُبغضها. لاحظ سلوك الناس في حالة الخوف الشديد، ثم لاحظ سلوكهم في حالة الأمن والرفاه.
    نعم، هناك قوة هائلة داخل كل إنسان تساعده على الانضباط، وهي تجعلنا قادرين على السيطرة على غرائزنا وشهواتنا ودوافعنا، بغض النظر عن دور المجتمع أو الوراثة.
    يحتاج كل إنسان منا أن يضبط ويسيطر على نوازعه ودوافعه. من هنا لا بد من التربية التي تقوي فينا الإرادة. جاء في الآية 45 من سورة العنكبوت:" إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"، وجاء في الآية 183 من سورة البقرة: " كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" .
    وكذلك فإننا بحاجة إلى العلم الذي يجعلنا أكثر وعياً وإحساساً بالمسئوليّة. ثم نحن بحاجة إلى نظام العقوبات الذي يساعدنا في السيطرة على أنفسنا، سواء كانت هذه العقوبات دنيويّة أم أخرويّة. 
    مسألة تتعلق بمفهوم الاستجابة:
    جاء في الآية 60 من سورة غافر:" وقال ربكم ادعوني أستجب لكم...": لكل دعاء صادق يصدر عن خضوع لله واعتراف بربوبيته استجابة. والمقصود بالاستجابة أن يكون هناك إجابة تدل على قبول. ويتصور البعض أنّ ذلك يعني تحقيق المطلوب كما طلب. والصحيح أنّ معنى الاستجابة أنّ هناك جواباً إيجابياً لطلبك. وقد جاءت السنة وبيّنت أنّ الجواب يكون على صور: استجابة فورية وحصول المطلوب، كمن يطلب النجاة في حالة الخوف على الحياة. أو تأخير ذلك إلى الآخرة فيثاب عليه بأعظم مما طلب، فقد ورد أنه في الآخرة يقال له:" هذا ما طلبْتَه في الدنيا، وقد ادْخرتُه لك لهذا اليوم. حتى ليتمنى العبدُ أنه ليته لم يُعطَ شيئاً في الدنيا قط"، أو أن يدفع عنه من الشر ما هو أنفع له من إعطائه المطلوب، أو أن يستجاب له بأفضل مما طلب. وعليه فأي دعاء له إجابة والإجابة لها صور.
    جاء في صحيح البخاري- في الحديث القدسي- وذلك في حق الولي: "... ولئن سألني لأعطينه...": هنا كلام عن إعطاء السائل ما سأل، أو زيادة، وليس الكلام عن إجابته، لأنّ الكلام هنا عن الولي الذي بلغ مرتبة رفيعة.
    جاء في الآية 41 من سورة الأنعام:" بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء...": والكلام هنا موجه للمشركين، فقد يدعو المشرك فيستجاب له. والأمر هنا – كما هو ملاحظ - مبني على المشيئة الإلهية، وهذا ليس فقط لأنّ الداعي هنا هو المشرك، بل أيضاً لأنّ سياق الكلام هنا عن الكشف وليس عن الاستجابة للدعاء.
    ولو كان كل من دعا أعطي مطلوبه على الفور، لأصبحت الدنيا دار ثواب ولم تعد دار امتحان. ولما وجدنا هناك من يكفر، ولما وجدنا هناك من يعصي، ولما وجدنا أحداً يكد في الحياة ويتعب، لأنّ الأسهل من ذلك أن يرفع يده ويدعو.